Translate

martes, 17 de diciembre de 2013

الوحدة الأوروبية وقضية الهجرة 1








تحظى قضية الهجرة غير الشرعية الى البلدان الأوروبية باهتمام بالغ, وذلك بعد التغيرات التي طرأت في البلدان العربية خصوصا في شمال افريقيا نتيجة الثورات العربية (الربيع العربي), حيث أدت الى عدم  الاستقرار السياسي, تدهور الوضع الاقتصادي و يتمثل فانتشار الفقر و زيادة البطالة خصوصا في صفوف الشباب و غياب الأمل في المستقبل دفع هؤلاء الى اختيار وجهة اخرى وهي أوروبا مستغلة ضعف الرقابة الوطنية على الحدود و عدم التنسيق بين مختلف البلدان الأوروبية فيما بينها لحد من الهجرة وذلك بعد الأزمة المالية التي عصفة بها.  
أدت  تزايد عدد كبير من المهاجرين البلدان العالم الثالث الى الاتحاد الأوروبي كثيرا من الجدل بل خلقت موجة من الانقسامات داخل الاتحاد و خير مثال على ذلك  ما حصل بين فرنسا و ايطاليا بعدما نجح أكثر من ألف مهاجر غير شرعي الى العبور الى الضفة الأخرى و بالضبط الى جزيرة لمبيدوزا الايطالية  حيث منحت لهؤلاء بطاقات إقامة مما يسمح لهم بحرية التنقل داخل البلدان الاوروبية الاعضاء في اتفاقية شنغن في حين منعت فرنسا هؤلاء بعبور أرضيها , حيث أدت الى اندلاع خلاف قوي بين الدول الأوروبية ليس هذا فحسب بل تم وقف مؤقت لأحكام اتفاقية شنغن و اغلاق الحدود بين بعض الدول الاعضاء في الاتحاد ووقف حركة القطارات .
هذه الازمة لم تنتهي الا باتفاق بين البلدين و مطالبة خوسيه مانويل باروزو، بإعادة النظر في بعض بنود الاتفاقية، وتحديدا تعديل الشروط التي تتيح للبلد العضو إعادة العمل بالإجراءات والقيود الوطنية علي الحدود الداخلية، في حال وجود صعوبات استثنائية في إدارة الحدود الخارجية المشتركة.
هذه القضية أثارت جدل واسع داخل الاتحاد ليس بشأن التعامل مع موجات تدفق النازحين فحسب، بل بشان إعادة هيكلة مجمل الضوابط الأمنية المتعامل بها داخل منطقة شنغن وتثير هذه القضية جوانب مهمة تتعلق بمدى تأثير هذه الأزمة على مستقبل الاندماج الأوروبي.
يلاحظ أن الاتحاد الأوروبي مستقبله الاندماجي يتخبطه مجموعة من العقبات و الاختلافات نذكر هنا موقف غير المنسجم في تعاطي مع الملف الليبي
فالاندماج الأوروبي يعرف تقلبات بعد الأزمة الاقتصادية و المالية حيت تتعرض العملة الموحدة اليورو الى تهديد بالانسحاب اضافة بعض أعضائها الى الجدل القوي بخصوص اتفاقية شنغن ومدى التزامات الدول الاعضاء بتطبيقها
هذه ليست أول مرة تواجه الاتحاد بل كانت هناك مشكلات سابقة كالتدفق الهائل للمهاجرين الرومانيين الى فرنسا مما دفعت بهذه الاخيرة و بشكل فردي الى عملية طرد هؤلاء و ترحيلهم الى بلدهم الأصلي.
نظرا للمستجدات الاقليمية في جنوب المتوسط و الداخلية بين الدول الأعضاء جعلت من اتفاقية شنغن تتدحرج بين التعديل و الالغاء  
حيث برزت توجهين اثنين,التوجه الأول يطالب بالإبقاء علي الاتفاقية مع إدخال بعض التعديلات علي بنودها، وإن تباين مستوي تلك التعديلات. حيث أشار إلى ذلك الرئيس الفرنسي بقوله:" نريد لمعاهدة شنغن أن تعيش، ولكن لكي تعيش يجب أن تتغير في إطار دولة المؤسسات والقانون" في حين ترى ألمانيا قصر التعديلات علي الجوانب الإدارية فحسب، مع العمل علي تعزيز دور الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود، خوفا مما يمكن أن تسفر عنه إعادة النظر في بنود الاتفاقية من مخاطر تهدد إنجازات الاتحاد الأوروبي ومكتسباته، وهو ما عبر عنه وزير الداخلية الألماني "هانز بيتر فريدريش" بقوله: "قصر الأمر علي إجراء تعديلات بسيطة في المعاهدة، في حال اقتضت الضرورة ذلك."
التوجه الثاني يرى أن الوقت قد تجاوز هذه الاتفاقية، وأن التغيرات والمستجدات الراهنة تفرض العودة إلي ما قبل الاتفاقية بإعادة فرض القيود علي حرية الحركة والتنقل، وهو ما عبر عنه بجلاء قرار الحكومة الدنماركية بإعادة المراقبة الجمركية الدائمة عند حدودها الوطنية مع ألمانيا والسويد، بدءا من يونيو 2011، بحجة مكافحة الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة، وهو ما أشار إليه وزير العدل الدنماركي بقوله:" إن بلاده لجأت إلي تشديد الرقابة علي حدودها بهدف وضع حد لتجارة المخدرات وتهريب البشر والأموال والجريمة المنظمة القادمة من دول أوروبا الشرقية"، مبررا موقف بلاده باتساقه مع معايير شنغن الداعية إلي حق كل دولة عضو بالاتحاد في اتخاذ ما يناسبها من إجراءات، إذا تعرض أمنها أو نظامها العام للتهديد.
و كنتيجة لذلك برزت ثلاثة مواقف بين الدول الأعضاء الاتحاد الأوروبي الأول: تأييد بعض الدول التوجه المطالب بإعادة النظر في بنود الاتفاقية، شريطة ألا يسبق ذلك تعليق العمل بها كما فعلت فرنسا، وفي مقدمة هذه الدول كل من  اليونان ومالطا. الثاني: تحفظ أغلب الدول حيال هذا التوجه، وهو ما عبرت عنه إسبانيا، علي لسان سكرتير الدولة للشؤون الأمنية "انطونيو كاماتشو" -خلال مشاركته في اجتماع وزراء داخلية الاتحاد المنعقد في 12 مايو2011  بقوله: "إن إسبانيا تعارض أي إصلاح جذري يمس جوهر الاتفاقية أو يمثل خطوة إلي الوراء فيما يتعلق بحرية حركة الأفراد عبر الحدود الداخلية للاتحاد الأوروبي .. الثالث: الرفض القاطع للتوجه الذي انتهجته الدنمارك، واصفا القرار بأنه خرق للاتفاقية، علي حد وصف وزير خارجية لوكسمبورج "جان أسلبورن" بأن: "الإجراء الدنماركي خرق من جانب واحد لاتفاقية شنغن". بل وصل الأمر إلي حد التشكيك باستمرار عضويتها في الاتحاد الأوروبي، كما أشار إلي ذلك "ألكسندر ألفارو" عضو البرلمان الأوروبي عن الحزب الديمقراطي الحر الألماني بقوله: "إن الخطوة الدنماركية تثير تساؤلا حول مشروعية بقائها عضوا بالاتحاد الأوروبي".

ماهي الأليات التي اتخذتها أوروبا لمعالجة هذه القضية ؟  كيف يمكن المحافظة على الاتفاقية شنغن؟وهل الحلم باندماج الاوروبي يسير نحو التقدم أم الاطاحة ؟

محمد أيمن البقالي
طالب-باحث
متخصص في الشؤون الأوروبية والمتوسطية

No hay comentarios:

Publicar un comentario